هل في البيوت العربية ما زال بسمة مرسومة على شِفاه انسان

هل في المساجد العربية ما زال بِحقٍ يُرفع الآذان

أم في الكنائس العربية ما زالت تُحترَم الصلبان

هل في الشِفاه المصرية ما زال نيل يتدفق منه الطوفان

هل في العيون التونسية ما زال سحر باقٍ لعاشقٍ ولهان

أم في العيون الفلسطينية ما زال شاطئ

يرتاح فوق رماله الشهداء و شقائق النعمان
هل في الليالي الليبية ما زال فجر سيأتي بعد طول حرمان

أم في الليالي السورية ما زال سهر الأمهات على تراتيل القرآن

هل في التضاريس العراقية ما زال الرافدين يجريان

أم في الصحراء العربية ما زال الحرمين الشرفين قائمين

أنا يا عربي مُتعبٌ بعروبتي

هل العروبة لعنة أو نقمة

أم العروبة عقاب و هلوسة و ذُهان

حاكم جزارٌ و شعوب تُهان

أمهاتُ ثكالى بقايا لمشروع انسان

فجر و فحش و سكر و رقص على جسامين الغلمان

و أشلاء قوم و فئرانا و جرذان و حبوب هلوسة و موائد حِرمان

و ملوك و عروش و اصحاب جلالة و فساد و موائد خرفان

و جنس مُباحٌ و كافيار و ديسكو على ألحان الألغام

من أنتم؟

لولا الخراف و الجمال من حولكم
لولا عباءاتكم و نسائكم كالمواشي من خلفكم
مَا كُنتُ أحسبُ أنكم أَعْرابْ
كالبعير تتقاتلون على فتات خبزة أو على بَقايا امرأة

أتكلم الفصحى بالضم و الكسر في اليسر و العسر

أستغيث بما بقي للعربية من كلمات و معتصما

مات الأعراب و ما بقي منهم

سوى قواعد النحو و الإعراب

أغراب نحن في بيوتنا يا أخي  لا أعراب

حراب و خناجر و سهام مرفوعة

و قمة عربية من الصرف ممنوعة

قبلات حميمية و ايدٍ سخية وقهوة عربية لفتاة عبرية

يا تونس الخضراء يا مصر السمراء حلوي علقم

و هم على هزيمتي شربوا الانخاب

كيف أكتب الشعر و نهارنا دم و ليلنا إرهاب

و صباحنا قمع و مساءنا استجواب

و عرسنا غابت عنه الشمس و لم يحضره الأحباب

أمن دولة و شرطي وراء كل باب

فبأي لغة يكتب الكتاب

دواءنا سُقم و نكهة خبزنا عذاب

شرابنا قهرٌ و لذة حبنا بكاء الأحباب

أسير على ورق الخريطة مُقيد بين سطور الحدود

أسير على حواف الخريطة مُشرد لا أرى لغزة معبر على الحدود

أسير حول الخريطة متلهفاً أن يخطأ أحدهم فيمسح دولة اليهود

لأصحى من خيالي و أراني محاصر

من المحيط للخليج بحفدة القرود
أَمشي على وَرقِ الخريطةِ خائفاً
أغراب نحن يا أخي كلنا   على الخريطة تفرقنا خطوط

هُزالا نحن يا أخي كلنا   في الوطن تمزقنا القيود

هوان نحن يا أخي كلنا لا لغة تجمعنا و يفرقنا البارود

و أنكل سام يحكمنا و رؤساء و ملوك

من صنع الموساد و فضلات اليهود

عراق ممزق و لبنان ملزق و يمن هش

و خليج و جزيرة ملوكهم من قش

و فتح و حماس و هنية و عباس

و صراع سلطة و فقد بالإحساس و الناس

و مصراته و البريقة و عقيد لقيط بلا عقيدة

و مصر ما بارك الله فيهِ في سوق النخاسين بيعت

و كأنها لم تكن يوماً مهد العروبة

و كأن عَمْراً ما كان فيها

و دمشق لم يبقى منها سوى

عرين بلا أسد و نصف شهيدا

و بلد المليون شهيد صار ملكاً للعبيد

و تونس و المغرب حدث بلا حرج و لا تستغرب

أما البقية فلما ذكرهم ولم يكن يوماً لهم في الشهامة شهيدا

ماتت خيول العُرب كلها و لم يبقى منها سوى الشهوات

فهل مات فرسان بني أمية كلها

و انطوت معهم صفحة الفتوحات

تاريخ العُرب هذيان و سراب تجمهم عاهرة

و أحكمهم بالفصام مُصاب

وعزيز مصر راقدٌ تحت التراب

و شعراء بني العباس تمسح دمعها

تهودت الشعوب و الجهل استفحل و اصاب

و مقام الحسين يُهان و لا يٌهاب

استشهد الإمام فداءً و إمامنا اليوم كذاب

و صلاتنا عبرية و تاج رأسنا قبقاب

و مسيحنا يُصلب و نساؤنا أسلاب

و أطفالنا و شيخونا قوتاً للكلاب

حواجز و مخافر و اقسام للعذاب

و باب الحارة بلا باب

و الشرف العربي على جسد امرأة مرهون

و الدم العربي حِلٌ للجلاد و للسجون

أما أنا فبأمر القانون أرعن و مجنون

كيف خلاصنا يا أعراب و لم يبقى من كتب السماء كتاب

كيف خلاصنا يا أعراب و لم يبقى من ندق عليه الباب

كيف خلاصنا يا أعراب و كل العذارى حبالى

و الجند كله أغراب

كيف خلاصنا يا أعراب و في القدس امهات الشهداء تُغتصب تحت المحراب

كيف خلاصنا يا أعراب و الشرف الرفيع

حبر على ورق بين طيات الكتاب

و الأذى واقع ... نعيشه في كل زنجة و حارة

كيف خلاصنا يا أعراب و الجيوش العربية

وسام و بدلة في الدولاب

و جحافل ابن العاص في مقابر الفسطاط

قمامة و سقط المتاع و انحطاط

قد أوهمونا بأن عصر الفتوحات قد ولى

وتاريخنا و تراثنا هلوسات

و ابن الوليد  و عُمَر و عَمْر خُرفات

و الأمل في الأرحام قد مات

اذ بتونس الخضراء و مصر الغراء

و الجزيرة الحرة من قطر المعطاء

من أحفاد المُختار أسود الصحراء

من العراق الفيحاء من جزائر الشهداء

من خير أمتي في شامها و يمنها

من فلسطين المرابطين قوم الجبارين

تتفجر ثورة العُربان الحق

لتعلمانا كيف يُسَطَّرُ التاريخ

و كيف تُصْنَعُ الحضارات